19 أكتوبر, 2011 - 06:53 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
مرة أخرى يتلقف بعض المسلمين صورة قديمة من صور الاحتيال والغش لأكل المال بالباطل من المجتمعات الغربية، والمجتمع الأمريكي على وجه الخصوص. وصدق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن مَنْ قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه". متفق عليه عند البخاري (3456)، ومسلم (2669) من حديث أبي سعيد – رضي الله عنه - . وقال أيضاً: "لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم، وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته في الطريق لفعلتموه" صححه الحاكم في المستدرك (8452) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما - (صحيح الجامع 5067).
أخي العزيز: إن هذا الأسلوب في جمع المال هو ما يعرف بـ: "التسلسل الهرمي". وله صور عديدة، لكن هذه الصورة على وجه الخصوص هي أبسطها وأقدمها، وتسمى "الرسالة المسلسلة: Chain Letter". ووجه الإغراء فيها أن إرسال الرسالة إلى 6 أشخاص (كما في السؤال) قد يدر أموالاً طائلة إذا أرسل كل واحد من الستة الرسالة نفسها لستة آخرين، ثم كل واحد من هؤلاء لستة آخرين, وهكذا إلى حد ستة مستويات. فتكون الحصيلة: 46656 دولار. من حيث الواقع أكثر المشتركين في هذه الرسائل يخسرون ما دفعوه ولا يحصلون على شيء. ولأنها مبنية على المبادرة الذاتية، فليس هناك ما يلزم أي شخص بأن يدفع للأسماء الموجودة على القائمة، بل يضيف اسمه ابتداء وينشر الرسالة فوراً توفيراً للمال. وقد تكون العناوين كلها تعود لشخص واحد أو شخصين، ولكن بأسماء وصناديق بريد مختلفة. والغريب أن الفكرة قائمة على التغرير بالناس وأكل مالهم بغير حق، ومع ذلك يطالب صاحب الرسالة الآخرين بـ "الصدق والأمانة"! إن هذه الصيغة، مع كونها ممنوعة نظاماً في أكثر دول العالم، فهي ممنوعة شرعاً للأسباب الآتية:
1. أنها أكل مال بالباطل. فالتسلسل الذي تنشئه الرسالة مصيره التوقف حتماً، وبذلك يكون أكثر من 90% ممن اشترك فيها قد خسر ما دفعه ولم يحصل على عوض، والرابح - إن وجد - هم القلة على رأس الهرم.
2. أنها من القمار، لأن من يدفع لا يدري مقدار ما سيحصل عليه، فقد يكون أقل أو أكثر مما دفعه، فهي مقامرة بحتة.
3. أنها نقد بنقد مع التفاضل والتأخير، فهي من الرباالمحرم بالنص.
والواجب على شباب المسلمين البحث عما ينفعهم وينفع الناس، بدلاً من الجري وراء إغراء الربح السريع الذي لا يعدو أن يكون سراباً، ثم لا يجده شيئاً، بل يجد الله عنده فيوفيه حسابه. وفق الله الجميع لرضاه وجنبنا سخطه وغضبه، إنه - تعالى - الهادي إلى سواء السبيل.
لا يوجد تعليقات