فتاوي

الجوائز البنكية

19 أكتوبر, 2011 - 06:49 PM


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد.
1. إذا كان الحساب البنكي - المشار إليه - حساباً جارياً، فهو قرض لأنه في ضمان البنك، ولا يجوز أن يحصل المقرض - وهو صاحب الحساب الجاري - على منفعة مقابل القرض، سواء كانت هذه المنفعة على شكل فوائد أو هدايا أو جوائز، لأنه قرض جرَّ نفعاً وهو من الربا المحرم بالنص والإجماع.
2. أما إذا كان حساباً استثمارياً، بمعنى أن البنك مجرد مدير للحساب، وربح الحساب وخسارته على صاحبه وليس على البنك، فلا يعد قرضاً، ولا تعد الجائزة من ثم من الربا. لكن إذا كان الاشتراك في الجائزة مقابل رسوم دفعها صاحب الحساب، فهذا من اليانصيب وهو من القمار المحرم.
3. أي أن الجائزة إن كانت على حساب جارٍ أو كانت مقابل رسوم، فهي محرمة. أما إذا كانت بدون رسوم وكانت على حساب استثماري، فلا حرج فيها - إن شاء الله-.
4. وإذا كانت الجوائز التي يوزعها البنك من النوع المحرم فيجب على السائل تجنب التعامل الذي يؤدي إليها، حتى لا يقع في المحرم.
5. وإذا كان السائل قد قبض الجائزة المحرمة أو استلمها وأراد أن يتوب ويتخلص منها فماذا يفعل بها؟ هل يردها للبنك أم يتصدق بها؟
لا ينبغي أن يردها للبنك، لأن في ذلك إعانة للبنك وتشجيعاً له على الاستمرار في المعاملات المحرمة.
بل ينبغي أن يتصدق بها. ويشهد لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق" (متفق عليه، البخاري 4860 ومسلم 1647)، فإذا كان مجرد العزم على المقامرة يستلزم الصدقة، فمن باب أولى أن يتصدق بما كسبه فعلاً من القمار، والربا أولى لأن حرمته آكد. وقال عليه الصلاة والسلام: "يا معشر التجار إن هذا البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة" (رواه أحمد 16135 وغيره). فإذا كان مأموراً بالصدقة مع حل العقد إذا خالطه اللغو والحلف، فمن باب أولى أن يتصدق إذا كان العقد نفسه محرماً. وروى ابن أبي حاتم في تفسيره أنه- صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر لما راهن المشركين على ظهور الروم على الفرس وكسب الرهان: "هذا سحت فتصدق به" (تفسير ابن كثير والدر المنثور، سورة الروم). فالواجب التصدق بهذا المال على الفقراء والمحتاجين ليطهر بذلك السائل نفسه وماله وتصدق توبته.
6. وإذا كان السائل – إذا قبض المال الحرام وتاب من ذلك - هو نفسه فقيراً، فهو أولى بهذا المال من غيره من الفقراء، كما أفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولأن في هذا إعانة له على التوبة وعدم الوقوع في المحرم مرة أخرى (تفسير آيات أشكلت، ص 595). فيأخذ منه قدر حاجته ويتصدق بالباقي، وبهذا أفتى فقهاء الحنفية والشافعية وبعض الحنابلة (انظر: أحكام المال الحرام، د. عباس الباز، ص 284-285)، مع وجوب العمل الجاد على اجتناب أسباب الحرام وعدم تكرار الوقوع فيه مستقبلاً.
7. وينبغي للمسلم أن يتقي الله – تعالى - في مصادر ماله، وأن يجتهد في تحري الحلال ففيه غُنية عن الحرام، ومن الدعاء الذي أمر به النبي- صلى الله عليه وسلم-: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عن سواك." والله الهادي إلى سواء السبيل .

    لا يوجد تعليقات