19 أكتوبر, 2011 - 09:17 PM
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
1. الاتفاق بين الشريكين على أن يكون ربح هذا الشهر لأحدهما وربح الشهر التالي للآخر، على أن يستقل كل منهما بربحه ولا تقع أي تسوية بينهما في نهاية المدة، يدخل في الغرر المحرم شرعاً. لأنه لا يدرى هل تتساوى أرباح الأشهر أو لا. فقد يربح أحدهما ويخسر الآخر، كما حصل في الواقعة المذكورة، وهذا يناقض مبدأ الشركة، إذ أن ربح أحدهما إنما يكون على حساب الآخر ومن نصيبه نظراً لاشتراكهما في العمل أصلاً، وهذا يؤدي إلى أكل المال بالباطل الممنوع بالنص. ولهذا ورد النهي في المزارعة عن تخصيص جزء معين من الأرض تكون غلته لرب الأرض، وجزء تكون غلته للمزارع؛ لأنه لا يدرى هل ينتج هذا الجزء أو لا، ولا مقدار الغلة التي ينتجها، فيؤدي إلى النزاع بين الطرفين. فالعقد بذلك باطل ولا يجوز.
وإذا بطل العقد وجب الرجوع إلى الحالة السابقة عليه. فإن كان الشريكان قبل ذلك يقتسمان الأرباح بالتساوي، وجب اقتسام أرباح الشهر المذكور بالتساوي، وهذا يقتضي تسليم الطرف الآخر نصف الأرباح التي تحققت، وهي 13600، كما هو مشار إليه في السؤال. وإذا كانا يقتسمان الأرباح بنسبة أخرى وجب توزيع الربح بحسبها.
2. أما إذا كان المقصود من الاتفاق هو التناوب بين الشريكين في قبض الأرباح الشهرية، على أن تتم تسوية ذلك في نهاية العام أو كل ستة أشهر مثلاً، فالعقد يكون صحيحاً؛ لأن مقصود العقد هو اقتسام الأرباح مناصفة، لكن يقبض أحدهما أرباح الشهر كاملة تحت الحساب، فيكون نصفها سلفاً في ذمته يتم الوفاء به من أرباح الأشهر التالية. ولا يضر في هذه الحالة ألا ينص على ذلك في العقد؛ لأن العبرة بالمقاصد. كما لا يضر تضمن العقد للسلف المتبادل؛ لأنه هنا تابع للشركة، ويجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً.
وفي هذه الحالة يجب على الشريك الذي قبض الأرباح أن يرد نصفها لشريكه إذا كان هذا هو المفهوم من التعاقد.
3. وإذا لم يتحدد المراد من العقد، فالعبرة بالنص المكتوب، وهو بحسب السؤال لا يدل على قصد المناصفة بل على تمييز ربح كل شهر لأحدهما، فينطبق عليه ما ذكر في الحالة الأولى، وهو بطلان العقد ووجوب الرجوع إلى ما كان عليه الحال قبل ذلك.
وعلى كل تقدير، فإن ما قبضه الأخ السائل لا يكون ملكاً له وحده، بل يجب عليه دفع ما يستحقه الشريك منه مقابل عمله، حسب المناقشة السابقة. والله تعالى أعلم بالصواب.
لا يوجد تعليقات